Ads
توب نمبر







تشهد ليبيا في الآونة  الأخيرة سلسلة من الصراعات  القبلية التي تظهر وجود خلافات  سياسية واقتصادية واجتماعية  خطيرة تهدد العملية السياسية الجارية وقد تؤدي الى تقسيم البلد الذي يمر بعصر ما بعد حكم العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

    صراعات  قبلية مستمرة
    وقعت فى 5 ابريل الجاري اشتباكات دموية بين قبائل الأمازيغ  والقبائل العربية فى مناطق زوارة والجميل ورقدالين غربي ليبيا, ما أدى إلى مقتل 26 شخصا على الاقل، حسبما أفادت تقارير إخبارية. وما زالت النزاعات  مستمرة على  الرغم  من تدخل السلطات الليبية للسيطرة عليها.
    وترجع هذه النزاعات  بالأساس إلى الحرب التى شهدتها  ليبيا قبل عام واحد والتي شارك فيها سكان زوارة الأمازيغ  الذين عرف عنهم معارضتهم لنظام العقيد القذافي, ولكن سكان الجميل ورقدالين العرب كانوا موالين للنظام السابق.
    وكان صيادون من زوارة قبل أيام قد قتلوا على نحو غير متعمد أحد سكان الجميل واحتجزهم  بعض المواطنين هناك وعاملوهم  بصورة قاسية, ما أثار اشتباكات مسلحة بين القبائل الأمازيغية  والعربية. وأشارت تقارير إعلامية   إلى استخدام أسلحة ثقيلة مثل المدافع المضادة للدبابات والطائرات خلال  هذه الاشتباكات  الدموية.
    وفي هذا السياق، أشارت بعثة الأمم  المتحدة للمساعدة في ليبيا إلى اندلاع   صراعات  دموية بين القبائل المختلفة فى عدة مناطق داخل ليبيا منذ الإطاحة  بنظام القذافي، وقالت إن ما مجموعه  147 أشخاص لقوا مصرعهم  فيما أصيب 395 آخرون بجروح فى المنطقة الجنوبية وحدها.
    حكومة مركزية ضعيفة
    قال مصطفى عبد الجليل، رئيس المجلس الوطني الانتقالي الليبي، يوم الخميس إن بلاده تعتزم استخدام القوة ضد من يهدد الأمن  الوطني، ودعا  الليبيين إلى وقف الاشتباكات على الفور، قائلا  "لا يمكن للشعب الليبي أن يدفع ثمنا دمويا إلى الأبد".
    وتعتزم ليبيا إجراء انتخابات تشريعية فى 19 يونيو القادم. وقال المتحدث الرسمي باسم الحكومة الليبية الانتقالية  ناصر المانع إن الحكومة تبذل حاليا قصارى جهدها من أجل ضمان إجراء الانتخابات  فى موعدها ، لكن النزاعات  الدموية المتواصلة ستؤثر بلا  شك سلبيا على عملية الانتخابات.
    وتحاول السلطات الانتقالية  في ليبيا استخدام كل الأساليب لوقف النزاعات  الجارية فى غرب البلاد ، لكنها فشلت حتى الآن  فى التوصل إلى نتائج إيجابية ملموسة. ويعود هذا جزئيا إلى أن الجيش الليبي نفسه مكون من ميليشيات شبه منفصلة تطيع كل منها قائدها  وتتجاهل أوامر السلطات المركزية غالبا، ما أضعف قدرة السلطات المركزية الليبية على التحكم في مجمل الوضع بالبلاد.
    وبعد إسقاط نظام العقيد معمر القذافي، ظهرت كثير من الميليشيات المسلحة التى تسيطر على مناطق مختلفة، وتطرح مطالب سياسية ومالية وفقا لمساهماتها في الحرب ضد نظام القذافي.
    وبناء على الوقائع سالفة الذكر، ارتفعت الأصوات  المطالبة بتحويل ليبيا إلى دولة فدرالية في حين تواجه الحكومة صعوبة في توحيد الجيش.
   التقدم البطيء  في إعادة الاعمار  بعد الحرب
    يعد الصراع  بين مؤيدى القذافي ومعارضيه مشكلة جديدة في ليبيا بعد سقوط نظام القذافي، إذ تتعرض القبائل التي كانت تساند القذافي لتمييز خطير ومعاملة غير عادلة بعدما أطيح بنظام القذافي، ويتم استبعاد من ينتمون لتلك القبائل خارج النظام السياسي القائم ويتعرضون للانتقام  العنيف، وهو امر أصبح من العوامل الجديدة لزعزعة  الاستقرار في ليبيا ويشكل تهديدا خطيرا للاستقرار  الوطني.
    ولم تظهر تنمية مستقرة جديدة في ليبيا بعد الحرب نتيجة الصراع  القبلي المتواصل وتزايد فوضي الانفصالية  المحلية الخطيرة.
    ويعتقد بعض المحللين أن ليبيا الآن  اشبه بقطعة فسيفساء تحطمت إلى عدة أجزاء، تسعى فيها مختلف المناطق والقبائل وجماعات المصالح إلى إعلاء  مطالبها الخاصة دون الاكتراث بمصلحة البلاد  باسرها.
    تتشكل ليبيا تاريخيا من ثلاث  مناطق وهى طرابلس في الغرب وبرقة في الشرق وفزان في الجنوب، وهي مساحة شاسعة من الأراضى  غنية بثروات النفط والغاز الطبيعي. وفي ضوء انتشار الأسلحة  في أرجاء البلاد  بسبب الحرب ضد نظام القذافي، تحتفظ الفصائل المختلفة بقوات خاصة بها لتحكم نفسها بنفسها، متحدية بذلك اوامر الحكومة المركزية. وليس هناك أدنى شك في ان مطالبة إقليم برقة بالحكم الذاتي تحفز منطقة فزان الجنوبية الغنية بالغاز الطبيعي على ان تحذو حذوها، كما قد يكون لهذه الظاهرة تأثير على الأمازيغ  فى المنطقة الغربية.
    وفي ظل الخلل السياسى والفوضى الاجتماعية  وانعدام الأمن ، تمضى أعمال  إعادة الاعمار  بعد الحرب في ليبيا ببطء. وعند اخذ إنتاج النفط مثالا على ذلك ، نجد ان حجم انتاج النفط الليبي الحالي لم يعد إلى ما كان عليه قبل الحرب. وتعتقد معظم وسائل الإعلا  م العربية انه يبدو ان عملية إعادة الأعمار  في ليبيا لن تسير في المسار الصحيح إلا بعد انتخابات يونيو المقبل، ولا يزال الشعب الليبي يشهد حالة من الارتباك  في الوقت الراهن.


عدد التعليقات -
عدد التعليقات - 0
تحريـر الرسـاله
© جميع الحقوق محفوظة 2012 على هواك