Ads
توب نمبر



الآن ولأول مرة صار لمصر رئيس منتخب، أيا كان اتفاقنا أو اختلافنا معه..

رئيس خاض معركة انتخابية حقيقية وليست مصنوعة..

صحيح أنه لم يحظَ بأكثر من ستة وعشرين في المائة من أصوات الناخبين المسجلين في مصر، ولكن هذا ما يحدث دوما عندما ينتقل شعب من حالة الرئيس الملفق إلى الرئيس المنتخب..

ملايين أيدوه..
وملايين رفضوه..
ملايين امتنعوا عن التصويت..
وملايين أبطلوا أصواتهم..
ملايين اختاروه ثقة فيه..
وآخرون اختاروه نكاية في خصمه..

وأيا كانت الأسباب فسيحظى بمكانة كبيرة في التاريخ حتى ولو لم يرضِنا أداؤه.. هذا لأن التاريخ سيسجله كأول رئيس منتخب بعد سلسلة من الفراعين والمماليك والولاة والملوك ورؤساء زيفوا استفتاءاتهم وزوروا انتخاباتهم..

والآن وقد صار رئيسا فقد أصبح عليه أن يواجه مشكلات لا حصر لها..

مشكلة البطالة..
والانفلات..
والاقتصاد..
والفساد..

وهذه المشكلة الأخيرة هي أصعب وأخطر مشكلة يمكن أن يواجهها مسئول في أي مكان في العالم.. فالفساد لم يكن مقتصرا على المسئولين، بل كان وما زال يمتد لآلاف من موظفي الدولة في كل المجالات..

إنه بحق فساد إداري شامل، أشبه بآفة تلتهم المجتمع دون شفقة أو رحمة أو هوادة..

فساد أشبه بورم سرطاني ينتقل بسرعة من خلية إلى خلية..

وعندما يتوحش الورم السرطاني إلى هذا الحد لا يصير من السهل القضاء عليه..

هذا لأن المشكلة لم تعد تقتصر على الورم وحده..

إنه يمد أذرعته كأخطبوط عملاق إلى كل من حوله..

وينتشر..
ويتوغل..
ويستمر..

وعندما تقوم باستئصال الورم الرئيسي تبقى أذرعته ممتدة..

ويبقى انتشاره مخيفا..

واستئصال تلك الأذرع أكثر صعوبة ومشقة من استئصال الورم الرئيسي..

والفاسدون خلال العقود السابقة أضروا بالوطن ضررا بالغا عندما تحكموا في مقدراته واستولوا على ثرواته وحرموا شبابه من خيراته..

كم من مسئول غاب ضميره أو توارى أو مات، استولى على عشرات من شقق مشروعات إسكان الشباب فقط لأن منصبه كان يتيح له هذا؟!

كم منهم تلاعب بالقوانين؟!

كم منهم نهب ما ليس له وسجله بأسماء زوجته وأبنائه وأقاربه؛ حتى ينجو من الملاحقة والحساب؟!

وكم من الشباب تحطمت طموحاتهم وآمالهم وأحلامهم على صخرة الفساد الذي لم يجد من يلاحقه ويحاسبه، فصار طودا يصعب اختراقه؟!

ولماذا صار الفاسدون وقحين متكبرين سفلة؟!

ألأن الفساد صار حقيقة واقعة؟!

ألأن أحدا لا يحاسب؟!

أم لأن الفاسدين الكبار حرصوا على إفساد المنظومة كلها حتى لا يجرؤ أحد على ملاحقتهم ومحاسبتهم؟!

كم منكم واجه طلب رشوة صريحة متبجحة عندما سعى للحصول على حق ما؟!

كم منكم فشل زواجه لأنه عجز عن الحصول على شقة استولى عليها صاحب منصب وجاه، على الرغم من عدم احتياجه إليها ولكن فقط لأن منصبه يتيح له هذا؟!

وكم يبلغ كم الأموال التي استولى عليها الفاسدون؟!

مئات الآلوف ؟!

ملايين؟!

مليارات؟!

سيدهشكم أن الرقم يفوق كل تصوراتكم، خاصة لو حسبتم أن هذا يحدث طوال ثلاثة عقود كاملة.

إنها مليارات..
ومليارات..
ومليارات..

نهر من الأموال كانت كل قطرة منه من حق الشعب، ولكنها صبت في بحر الفساد والمفسدين..

حاولوا أن تتخيلوا كم سنسترد من الأموال والعقارات والأراضي، لو أننا بدأنا حربا قوية على الفساد.

إنها حتما ستفوق ما نسعى إلى اقتراضه أحيانا من دول ومنظمات تعطينا المال باليمين وتسعى مقابله للسيطرة على مقاديرنا باليسار..

المهم أن تكون لدينا آلية حقيقية لمكافحة وملاحقة ومحاسبة الفاسدين..

أجهزة جديدة تستطيع كشف التلاعبات القانونية والخدع الروتينية..

نظم مبتكرة لكشف الكسب غير المشروع..

وسائل جديدة لحصر الممتلكات والأصول..

وجهاز تحريات قوي لا يقل في قوته وقدراته وإمكاناته عن جهاز المخابرات العامة..

بهذا يدرك الفاسدون أنهم أبدا لن ينعموا بما كسبوه..

ولن يغنموا ما سرقوه..

ولن يرفلوا فيما استولوا عليه..

حاولوا أن تتخيلوا كم من شاب في مصر سيستعيد أحلامه!

كم من متهم سيسترد آماله وطموحاته؟!

كم منا سيعود إلى الإيمان بالوطن والانتماء إلى ترابه؟!

إنها ليست قضية بسيطة..

وليست قضية سهلة..

وليست قضية عام أو عامين..

إنها قضية وطن..

قضية مستقبل..

قضية مصر..

ولهذا ينبغي أن يضعها الرئيس الجديد على قمة أولوياته..

هذا لأنها تمس قضايا الاقتصاد والأمن والصحة والعدالة الاجتماعية..

ثم أنها مصدر دخل للدولة استولت عليه عصابة الفاسدين لزمن طويل وآن أوان استرداده..

فعندما تعاقب الفاسدين، وتسترد منهم ثمرة فسادهم العفنة، وتعيد ما للشعب للشعب، فأنت بهذا ترسل رسالة قوية إلى الحاضر والمستقبل معا..

رسالة تقول: إن الفساد لم يعد سلعة رابحة بعد الثورة..

رسالة تطمئن كل شاب مصري على حاضره ومستقبله..

رسالة تثبت للعالم أن ثورتنا عظيمة..

وأن مصر الحاضر والمستقبل لم تعد مثل مصر الماضي..

إنها رسالة انتماء..
وحب..
وعدالة..
وحق..
رسالة قانون..

رسالة تقول للشرفاء إن هذا وطنهم، وتقول للفاسدين إنهم لن يستولوا عليه مرة أخرى..

الفساد هو الآفة التي لا بد لنا من القضاء عليها قبل أن نبدأ مرحلة النهضة..

الفساد..

الفساد يا ريس.


عدد التعليقات -
عدد التعليقات - 0
تحريـر الرسـاله
© جميع الحقوق محفوظة 2012 على هواك